الوجه السادس والعشرون إلى الوجه الثامن والعشرون من كتاب مفتاح دار السعادة

 

 

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 51)

الْوَجْه السَّادِس وَالْعشْرُونَ : أنه سُبْحَانَهُ شهد لمن آتَاهُ الْعلم بانه قد آتَاهُ خيرا كثيرا،

فَقَالَ _تَعَالَى_ : {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]

قَالَ ___ابْن قُتَيْبَة وَالْجُمْهُور : (الْحِكْمَة إِصَابَة الْحق وَالْعَمَل بِهِ وَهِي الْعلم النافع وَالْعَمَل الصَّالح)." اهـ

 

زاد المسير في علم التفسير (1/ 242)

قوله تعالى : «يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ»،

في المراد بهذه الحكمة أحد عشر قولاً :

أحدها : أنها القرآن، قاله ابن مسعود، ومجاهد، والضحاك، ومقاتل في آخرين. والثاني: معرفة ناسخ القرآن، ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، ومقدمه، ومؤخره، ونحو ذلك، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: النبوة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والرابع: الفهم في القرآن، قاله أبو العالية، وقتادة، وإبراهيم. والخامس: العلم والفقه، رواه ليث عن مجاهد. والسادس: الإصابة في القول، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. والسابع: الورع في دين الله، قاله الحسن. والثامن: الخشية لله، قاله الربيع بن أنس. والتاسع: العقل في الدين، قاله ابن زيد. والعاشر: الفهم، قاله شريك. والحادي عشر: العلم والعمل، لا يسمى الرجل حكيماً إِلا إِذا جمعهما، قاله ابن قتيبة." اهـ

 

تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 115)

لما أمر تعالى بهذه الأوامر العظيمة المشتملة على الأسرار والحكم وكان ذلك لا يحصل لكل أحد، بل لمن منَّ عليه وآتاه الله الحكمة، وهي العلم النافع والعمل الصالح ومعرفة أسرار الشرائع وحكمها، وإن من آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرا كثيرا وأي خير أعظم من خير فيه سعادة الدارين والنجاة من شقاوتهما! وفيه التخصيص بهذا الفضل وكونه من ورثة الأنبياء، فكمال العبد متوقف على الحكمة، إذ كماله بتكميل قوتيه العلمية والعملية فتكميل قوته العلمية بمعرفة الحق ومعرفة المقصود به، وتكميل قوته العملية بالعمل بالخير وترك الشر، وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره، وبدون ذلك لا يمكنه ذلك، ولما كان الله تعالى قد فطر عباده على عبادته ومحبة الخير والقصد للحق، فبعث الله الرسل مذكرين لهم بما ركز في فطرهم وعقولهم، ومفصلين لهم ما لم يعرفوه، انقسم الناس قسمين قسم أجابوا دعوتهم فتذكروا ما ينفعهم ففعلوه، وما يضرهم فتركوه، وهؤلاء هم أولو الألباب الكاملة، والعقول التامة، وقسم لم يستجيبوا لدعوتهم، بل أجابوا ما عرض لفطرهم من الفساد، وتركوا طاعة رب العباد، فهؤلاء ليسوا من أولي الألباب، فلهذا قال تعالى: {وما يذكر إلا أولو الألباب} .

===========================

 

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 52)

الْوَجْه السَّابِع وَالْعشْرُونَ انه سُبْحَانَهُ عدد نعمه وفضله على رَسُوله وَجعل من اجلها أن آتَاهُ الْكتاب وَالْحكمَة وَعلمه مَا لم يكن يعلم،

فَقَالَ تَعَالَى : {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113]

 

زاد المسير في علم التفسير (1/ 470)

فأما «الكتاب» ، فهو القرآن. وفي «الحكمة» ثلاثة أقوال: أحدها: القضاء بالوحي، قالَه ابن عباس. والثاني: الحلال والحرام، قاله مقاتل. والثالث: بيانُ ما في الكتاب، وإِلهام الصواب، وإِلقاء صحة الجواب في الرّوع، قاله أبو سليمان الدمشقي.

 

زاد المسير في علم التفسير (1/ 470)

وفي قوله تعالى : «وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ» ثلاثة أقوال :

أحدها: أنه الشرع، قاله ابن عباس ومقاتل. والثاني: أخبار الأولين والآخرين، قاله أبو سليمان. والثالث: الكتاب والحكمة، ذكره الماوردي.

وفي قوله تعالى : «وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً» ثلاثة اقوال :

أحدها: أنه المنة بالإِيمان. والثاني: المنّة بالنبوّة، هذان عن ابن عباس. والثالث: أنه عامّ في جميع الفضل الذي خصّه الله به، قاله أبو سليمان." اهـ

 

============================

 

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 52)

الْوَجْه الثَّامِن وَالْعشْرُونَ : أنه سُبْحَانَهُ ذكر عباده الْمُؤمنِينَ بِهَذِهِ النِّعْمَة وَأمرهمْ بشكرها وَأَن يذكروه على إسدائها إليهم، فَقَالَ تَعَالَى : {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)} [البقرة: 151، 152]

 

تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 464_465) :

"يُذكر تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بِعْثَةِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ وَيُزَكِّيهم، أَيْ: يُطَهِّرُهُمْ مِنْ رَذَائِلِ الْأَخْلَاقِ ودَنَس النُّفُوسِ وَأَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلَمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ -وَهُوَ الْقُرْآنُ -وَالْحِكْمَةَ -وَهِيَ السُّنَّةُ -وَيُعَلِّمُهُمْ مَا لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ. فَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ الجَهْلاء يُسفَهُون بِالْقَوْلِ الفرَى، فَانْتَقَلُوا بِبَرَكَةِ رِسَالَتِهِ، ويُمن سِفَارَتِهِ، إِلَى حَالِ الْأَوْلِيَاءِ، وَسَجَايَا الْعُلَمَاءِ فَصَارُوا أَعْمَقَ النَّاسِ عِلْمًا، وَأَبَرَّهُمْ قُلُوبًا، وَأَقَلَّهُمْ تَكَلُّفًا، وَأَصْدَقَهُمْ لَهْجَةً. وَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ}____الْآيَةَ [آلِ عِمْرَانَ: 164] .

وَذَمَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ، فَقَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إِبْرَاهِيمَ: 28] .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي بِنِعْمَةِ اللَّهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَلِهَذَا نَدَب اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ وَمُقَابَلَتِهَا بِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ، فَقَالَ: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} ." اهـ

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 96)

إن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وسلم لهم وبعثته وإرساله إليهم كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 164] فإن النعمة على الأمة: بإرساله أعظم من النعمة عليهم بإيجاد السماء والأرض والشمس والقمر والرياح والليل والنهار وإنزال المطر وإخراج النبات وغير ذلك فإن هذه النعم كلها قد عمت خلقا من بني آدم كفروا بالله وبرسله وبلقائه فبدلوا نعمة الله كفرا فأما النعمة بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإن بها تمت مصالح الدنيا والآخرة وكمل بسببها دين الله الذي رضيه لعباده وكان قبوله سبب سعادتهم في دنياهم وآخرتهم

 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث العشرون من صحيح الترغيب بشرح الأستاذ عبد القادر البوجيسي

الحديث الثاني والعشرون