الحديث التاسع من كتاب الأدب المفرد

 

9 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24] ، قَالَ: لَا تَمْتَنِعْ مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّاهُ

 

رواة الحديث :

 

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ :

الفضل بن دكين : عمرو بن حماد بن زهير القرشى التيمى الطلحى مولاهم ، الأحول، أبو نعيم الملائي[1] الكوفى (130 هـ _218 هـ : بـ الكوفة)، من صغار أتباع التابعين ، خ م د ت س ق: ثقة ثبت

 

قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،

سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى ، أبو عبد الله الكوفى (97 هـ _ 161 هـ)، من كبار أتباع التابعين، خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه ) : ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، و كان ربما دلس[2]

 

عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ،

هشام بن عروة : بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى ، أبو المنذر، من صغار التابعين، (ت : 145 هـ) خ م د ت س ق :  ثقة فقيه ربما دلس

 

عَنْ أَبِيهِ

عروة بن الزبير : بن العوام بن خويلد القرشى الأسدى ، أبو عبد الله المدنى، من الوسطى من التابعين (ت : 94 هـ)، :  خ م د ت س ق :  ثقة

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 17) (رقم : 9)، وابن وهب في "الجامع"، ت. مصطفى أبو الخير (ص: 189) (رقم : 118)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 219) (رقم : 25412) وهناد بن السري الكوفي في "الزهد" (2/ 476)، والحسين بن حرب المروزي  في "البر والصلة" (ص: 8) (رقم : 11 و 12)، ومن طريقه : الشجري في ترتيب الأمالي الخميسية (2/ 166) (رقم : 1991) وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص: 75) (رقم : 222)، والطبري في "جامع البيان"، ت. أحمد شاكر (17/ 418) (رقم : 22199)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (1/ 284) (رقم : 456).

 

والحديث صحيح : صححه الألباني _رحمه الله_

 

 

شرح الحديث :

 

وفي تفسير الخازن = لباب التأويل في معاني التنزيل (3/ 127) :

"قوله _عز وجل_ : {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الإسراء: 24]،

أي : أَلِنْ لهما جناحك، {وَاخْفِضْ لَهُمَا} حتى لا تمتنع عن شيء أحباه {مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24]، أي : من الشفقة عليهما لكبرهما وافتقارهما اليوم إليك، كما كنت في حال الصغر مفتقرا إليهما." اهـ

 

وفي تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (17/ 418) :

"يقول تعالى ذكره : وكن لهما ذليلا رحمة منك بهما تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصية، ولا تخالفهما فيما أحبَّا." اهـ

 

تفسير القرطبي (10/ 244)

وَضَرَبَ خَفْضَ الْجَنَاحِ وَنَصْبَهُ مَثَلًا لِجَنَاحِ الطَّائِرِ حِينَ يَنْتَصِبُ بِجَنَاحِهِ لِوَلَدِهِ. وَالذُّلُّ: هُوَ اللِّينُ. وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِضَمِّ الذَّالِ، مَنْ ذَلَّ يَذِلُّ ذُلًّا وَذِلَّةً وَمَذَلَّةً فَهُوَ ذَالٌّ وَذَلِيلٌ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ" الذِّلُّ" بِكَسْرِ الذَّالِ، وَرُوِيَتْ عَنْ عَاصِمٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: دَابَّةٌ ذَلُولٌ بَيِّنَةُ الذُّلِّ. وَالذِّلُّ فِي الدَّوَابِّ الْمُنْقَادُ السَّهْلُ دُونَ الصَّعْبِ. فَيَنْبَغِي بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَجْعَلُ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ مَعَ أَبَوَيْهِ فِي خَيْرِ ذِلَّةٍ، فِي أَقْوَالِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَنَظَرِهِ، وَلَا يُحِدُّ إِلَيْهِمَا بَصَرَهُ فَإِنَّ تِلْكَ هِيَ نَظْرَةُ الْغَاضِبِ." اهـ

 

تفسير القرطبي (10/ 244)

قَوْلُهُ تَعَالَى (كَما رَبَّيانِي) خَصَّ التَّرْبِيَةَ بِالذِّكْرِ لِيَتَذَكَّرَ العبد شفقة الأبوين وتبعهما فِي التَّرْبِيَةِ، فَيَزِيدُهُ ذَلِكَ إِشْفَاقًا لَهُمَا وَحَنَانًا عَلَيْهِمَا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْأَبَوَيْنِ الْمُؤْمِنَيْنِ. وَقَدْ نَهَى الْقُرْآنُ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ الْأَمْوَاتِ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى، كَمَا تَقَدَّمَ. وَذُكِرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ:" مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ- إِلَى قَوْلِهِ- أَصْحابُ الْجَحِيمِ"

 

رش البرد شرح الأدب المفرد (ص 18) لمحمد لقمان السلفي :

"فقه الحدیث :

١ - الاهتمام بالقول الحسن و الفعل الحسن مع الوالدين .

2 - من معاني البر، التوفير والتعظيم والتواضع لهما

٣ - تحقيق رغبات الوالدين المشروعة واجب على الأولاد ." اهـ

 

 

 

فائدة : فِي كَيْفِيَّةِ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ

 

وفي البر والصلة لابن الجوزي (ص: 57)

الْبَابُ السابع فِي كَيْفِيَّةِ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ :

* بِرُّهُمَا يَكُونُ بِطَاعَتِهِمَا فِيمَا يَأْمُرَانِ بِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَحْظُورٍ،

* وَتَقْدِيمِ أَمْرِهِمَا عَلَى فِعْلِ النَّافِلَةِ،

* وَاجْتِنَابِ مَا نَهَيَا عَنْهُ،

* وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا،

* وَالتَّوَخِّي لِشَهْوَاتِهِمَا،

* وَالْمُبَالَغَةِ فِي خِدْمَتِهِمَا،

* وَاسْتِعْمَالِ الْأَدَبِ وَالْهَيْبَةِ لَهُمَا،

* فَلَا يَرْفَعُ الْوَلَدُ صَوْتَهُ عَلَى صَوْتِهِمَا،

* وَلَا يُحَدِّقُ إِلَيْهِمَا،

* وَلَا يَدْعُوهُمَا بِاسْمِهِمَا،

* وَيَمْشِي وَرَاءَهُمَا،

* وَيَصْبِرُ عَلَى مَا يَكْرَهُهُ مِمَّا يَصْدُرُ عَنْهُمَا." اهـ

 

 

ثم أورد ابن الجوزي آثارا كريمة عن بعض السلف :

 

 

* وَيَمْشِي وَرَاءَهُمَا،

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 58) (رقم : 26) : عَنْ أَبِي غَسَّانَ الضَّبِّيِّ: " أَنَّهُ خَرَجَ يَمْشِي بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، وَأَبُوهُ خَلْفَهُ، فَلَحِقَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَمْشِي خَلْفَكَ؟ قَالَ: أَبِي، قَالَ: أَخْطَأْتَ الْحَقَّ وَلَمْ تُوَافِقِ السُّنَّةَ، لَا تَمْشِ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيكَ، وَلَكِنِ امْشِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ خَلْفَهُ، وَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَقْطَعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، وَلَا تَأْخُذْ عَرْقًا نَظَرَ إِلَيْهِ أَبُوكَ، فَلَعَلَّهُ قَدِ اشْتَهَاهُ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى أَبِيكَ شَزَرًا، وَلَا تَقْعُدْ حَتَّى يَقْعُدَ، وَلَا تَنَمْ حَتَّى يَنَامَ "

 

* وَلَا يَدْعُوهُمَا بِاسْمِهِمَا،

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 58) (رقم : 27) : عن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ غَيْرِهِ " أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبْصَرَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: مَا هَذَا مِنْكَ، قَالَ: أَبِي، قَالَ: لَا تُسَمِّهِ بِاسْمِهِ، وَلَا تَمْشِ أَمَامَهُ، وَلَا تَجْلِسْ قَبْلَهُ "

 

* وَالتَّوَخِّي لِشَهْوَاتِهِمَا،

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 59) (رقم : 29) :

قال الْبُخَارِيُّ: وَثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ " {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24] ، قَالَ: لَا يَمْتَنِعْ مِنْ شَيْءٍ أَحَبَّاهُ "

 

* فَلَا يَرْفَعُ الْوَلَدُ صَوْتَهُ عَلَى صَوْتِهِمَا،

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 59) (رقم : 30) :

قال الْبُخَارِيُّ: وَثَنَا مُسَدَّدٌ، قثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قثنا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَيْسَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُمْرَ، قَالَ: «بُكَاءُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْعُقُوقِ»

 

* بِرُّهُمَا يَكُونُ بِطَاعَتِهِمَا فِيمَا يَأْمُرَانِ بِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَحْظُورٍ،

* وَتَقْدِيمِ أَمْرِهِمَا عَلَى فِعْلِ النَّافِلَةِ،

* وَاجْتِنَابِ مَا نَهَيَا عَنْهُ،

* وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا،

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 59) (رقم : 31) :

مُحَمَّدٍ، قثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ، فَقَالَ: أَنْ تَبْذُلَ لَهُمَا مَا مَلَكْتَ، وَتُطِيعَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيةٌ "

 

* وَاسْتِعْمَالِ الْأَدَبِ وَالْهَيْبَةِ لَهُمَا،

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 60_61) (رقم : 32) : وعن زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ، قُلْتُ: " الرَّجُلُ يَأْمُرُ وَالِدَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: إِنْ قَبِلا،___وَإِنْ كَرِهَا يَدَعُهُمَا "

 

* وَتَقْدِيمِ أَمْرِهِمَا عَلَى فِعْلِ النَّافِلَةِ،

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 61) (رقم : 35) قال الْحَرْبِيُّ: وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: أَنْبَأَ سُفْيَانُ، قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ «إِذَا دَعَاكَ أَبُوكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي، فَأَجِبْ»

 

البر والصلة لابن الجوزي (ص: 62) (رقم : 36) عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ [المزني البصري (ت 150 هـ)]، قَالَ : «النَّظَرُ إِلَى الْوَالِدَيْنِ عِبَادَةٌ»

 

===========================

 

6- باب جزاء الوالدين

 

10 - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ»

 

رواة الحديث :

 

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ :

قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان السُّوَائِيُّ ، أبو عامر الكوفي، من صغار أتباع التابعين (ت : 215 هـ) :  خ م د ت س ق  :  صدوق ربما خالف

 

قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ :

سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى ، أبو عبد الله الكوفى (97 هـ _ 161 هـ)، من كبار أتباع التابعين، خ م د ت س ق  ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه ) : ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، و كان ربما دلس

 

عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ،

سهيل بن أبى صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدنى ، مولى جويرية بنت الأحمس، من الذين عاصروا صغارالتابعين، توفي فى خلافة المنصور : خ م د ت س ق : صدوق تغير حفظه بأخرة

 

عن أبيه :

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدنى، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفانى، من الوسطى من التابعين (ت 101 هـ) : خ م د ت س ق :  ثقة ثبت

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ :

أبو هريرة الدوسى اليمانى : عبد الرحمن بن صخر ( حافظ الصحابة (57 هـ) :  خ م د ت س ق

 

تخريج الحديث :

أخرجه البخاري في الأدب المفرد (ص: 17) (رقم : 10)، ومسلم في صحيحه (2/ 1148) (رقم : 1510)، وأبو داود في سننه (4/ 335) (رقم : 5137)، والترمذي في سننه (4/ 315) (رقم : 1906)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 12) (رقم : 4876)، وابن ماجه في سننه (2/ 1207) (رقم : 3659)

 

شرح الحديث :

 

وورد عن سَمرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «من ملك ذلك رحمٍ مَحْرَمٍ؛ فهو حُر». رواه أحمد والأربعة، وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (6/ 169) (رقم : 1746)

 

&        مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (6 / 2222)

قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ : ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يُعْتَقُ عَلَى وَلَدِهِ إِذَا تَمَلَّكَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ تَرْتِيبُ الْإِعْتَاقِ عَلَى الشِّرَاءِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ التَّمَلُّكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْشِئَ فِيهِ عِتْقًا، وَأَنَّ قَوْلَهُ: (فَيُعْتِقَهُ) مَعْنَاهُ: فَيُعْتِقُهُ بِالشِّرَاءِ لَا بِإِنْشَاءِ عِتْقٍ، وَالتَّرْتِيبُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ دُونَ الْإِنْشَاءِ.

فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: قَالُوا إِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَحَدًا مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ أَوْ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْشِئَ فِيهِ عِتْقًا." اهـ

 

&        شرح سنن أبي داود للعباد - (584 / 3)

ولكن الذي عليه جمهور العلماء أو هو كالإجماع من العلماء أنه بمجرد الشراء يحصل العتق؛ وذلك لأنه ليس من المناسب ولا من اللائق أن يكون الوالد عبداً لولده، وأن يكون خادماً لولده، بل العكس هو المطلوب، أعني أن يسعى الولد في خدمة الوالد.

والجد مثل الأب، وذكر الوالد يدخل فيه الوالدة.

 

قال مقيده –أبو فائزة- : وهو الراجح كما هو قول الشيخ العثيمين –رحمه الله- في شرح الرياض (3/183_184)

 

&        وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين - (1 / 1030) :

"اعلم أن من اشترى أباه عتق عليه بنفس الشِّرَى من غير أن يتلفظ بالعتق، وإنما ذَكَرَ العتق بعد الشرى لأنه بالشراء تسبب إلى العتق، وهذا مذهب الجمهور إلا أن داود أخذ بظاهر الحديث." اهـ

 

وفي صحيح الجامع الصغير - (2 / 1116) :

((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) ( حم د ت هـ ك ) عن سمرة .

قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6557 في صحيح الجامع

 

فوائد الحديث :

 

صحيح ابن حبان (2/ 167) :

"ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْمُبَالَغَةِ لِلْمَرْءِ فِي بِرِّ وَالِدِهِ رَجَاءَ اللُّحُوقِ بِالْبَرَرَةِ فِيهِ." اهـ

 

سنن الترمذي ت شاكر (4/ 315)

"بَاب : مَا جَاءَ فِي حَقِّ الوَالِدَيْنِ." اهـ

 

السنن الكبرى للنسائي (5/ 12)

"بَابٌ : أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ." اهـ

 

&        تطريز رياض الصالحين - (1 / 221) :

"وفيه : تعظيم حق الوالدين، وأن الولد لو فعل من البر ما فعل لا يكافئه إلا بعتقه." اهـ

 

&        شرح النووي على مسلم - (10 / 153)

لا يكافئه بإحسانه وقضاء حقه إلا أن يعتقه

 

&        التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوى - (2 / 973) :

"الرقيق كمعدوم لاستحقاق غيره منافعه ونقصه عن شريف المناصب فبتسببه في عتقه المخلص له من ذلك كأنه أوجده كما كان الاب سببا في ايجاده." اهـ

 

فيض القدير - (6 / 445) للمناوي :

"[قال] ابن العربي :

"المعنى فيه : أن الأبوين أخرجا الولد من حيز العجز إلى حيز القدرة فإنه تعالى أخرج الخلق من بطون أمهاتهم لا يقدرون على شيء كما لا يعلمون شيئا فيكفله الوالدان حتى خلق الله له القدرة والمعرفة واستقل بنفسه بعد العجز فكنفاه بفضل الله وقوته لا بصورة الأمر وحقيقته أن يجد والده في عجز الملك فيخرجه إلى قدرة الحرية." اهـ

 

تفسير سنن أبي داود (معالم السنن ) لأبي سليمان الخطابي - (3 / 6) :

"وإنما صار هذا جزاء له وأداء لحقه لأن العتق أفضل ما ينعم به أحد على أحد لأنه يخلصه بذلك من الرق ويجبر منه النقص الذي فيه ويكمل فيه أحكام الأحرار في الأملاك والأنكحة وجواز الشهاده ونحوها من الأمور ." اهـ

 

سبل السلام (2/ 601_602) للأمير الصنعاني :

"وَإِنَّمَا كَانَ عِتْقُهُ جَزَاءً لِأَبِيهِ لِأَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مَا مَنَّ بِهِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ لِتَخْلِيصِهِ بِذَلِكَ مِنْ الرِّقِّ فَتَكْمُلُ___لَهُ أَحْوَالُ الْأَحْرَارِ مِنْ الْوِلَايَةِ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ بِالْإِجْمَاعِ. وَالْحَدِيثُ نَصٌّ فِي عِتْقِ الْوَالِدِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ مَنْ عَدَا دَاوُد فِي حَقِّ الْأُمِّ أَيْضًا." اهـ

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (14 / 7) لأبي العباس القرطبي :

"وليس من الإحسان إلى الأبوين ، ولا للقرابة استرقاقهم ، فإن نفس الاسترقاق ، وبقاء اليد على المسترق إذلال له وإهانة .

ولذلك فسخنا على النصراني شراءه للمسلم على رواية ، ولم نبق ملكه عليه في الأخرى . وإذا ثبت أن بقاء الملك إذلال ، وإهانة ؛ وجبت إزالته ورفعه عن الآباء والقرابة ؛ لأنه نقيض الإحسان؛ الذي أمر الله به .

فإن قيل : فهذا يلزم في القرابات كلّهم وإن بعدوا ؛ قلنا : هذا يلزم من مطلق القرآن. لكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد خصَّ بعض القرابات بقوله : (( من ملك ذا رحم محرم )) ، فوصفه بالمحرميه ، فمن ليس كذلك لا تتضمنه الآية ، ولا الحديث . والله أعلم ." اهـ

 

كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 566) :

"اعْلَم أَن من اشْترى أَبَاهُ عتق عَلَيْهِ بِنَفس الشرى من غير أَن يتَلَفَّظ بِالْعِتْقِ، وَإِنَّمَا ذكر الْعتْق بعد الشرى لِأَنَّهُ بِالشِّرَاءِ تسبب إِلَى الْعتْق، وَهَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور، إِلَّا أَن دَاوُد أَخذ بِظَاهِر الحَدِيث وَقَالَ: لَا يعْتق عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ حَتَّى يعتقهُ. وَكَانَ ابْن عقيل يستحسن مَذْهَب دَاوُد فِي هَذَا وَيَقُول: مَا أحسن مَا قَالَ؛ لِأَن لفظ الحَدِيث مَعَه، وَالْمعْنَى أَيْضا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يجزى إِذا أعتق. قَالَ: وَنحن نقُول: إِذا تسبب فِي الْعتْق كَانَ حرا." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (8/ 112) لابن هبيرة الشيباني :

"في هذا الحديث من الفقه : أن جزاء الولد للوالد بقدر استحقاقه غير متصور. لما سبق من شرحنا هذا المعنى فيما تقدم،

وإنما صور النبي - صلى الله عليه وسلم - صورة نادرة الوقوع، وهي أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه، ليدل على غزارة فضل الوالدين، على أنه اشتراه عتق من غير أن يعتقه." اهـ[3]

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (7/ 252_253) للبسام :

* ما يؤخذ من الحديث:

1 - الله جلَّ وعلا عظَّم حقَّ الوالدين بكتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، وقال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]. قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} [الأحقاف: 15].

أمَّا الأحاديث فكثيرةٌ؛ منها: ما في البخاري (527) ومسلم (85) عن ابن مسعود قال: "قلت: يارسول الله، أي العمل أفضل؟ فقال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين"، ومنها حديث الباب.

2 - الحديث يدل على أنَّ فضلَ برٍّ بِالوَالدَيْنِ، أو أحدهما: هو أنْ يجد أباه أو أمه رقيقًا مملوكًا، فيشتريه ويعتقه؛ لأَنَّه خلَّصه من الرق، الَّذي حَرَمَه من الحرية، والاستقلال بالنفس، والكسب.

3 - وفي إعتاق الإنسان أباه، أو أُمَّه مجازاةٌ على إحسانهما إلى ولدهما؛ ذلك أنَّهما سبب وجوده من العدم، وهو بإعتاقهما أو إعتاقِ أحدهما -كأنَّه أخرجهما من العدم إلى الوجود؛ فإنَّ الرَّقيق مملوك المنافع والمكاسب،____فكأنَّه غير موجود في الحياة، فإذا عَتَقَ، ومَلَكَ نفسه وكسبه، صار من الموجودين.

4 - يدل الحديث على أنَّ الوالد لا يَعْتِقُ بمجرَّد شراء ولده له، وأنَّه لابُدَّ من إعتاقه بعد الشِّراء؛ لقوله: "فيعتقه"؛ وهذا مذهب الظاهرية.

وذهب جمهور العلماء -ومنهم الأئمة الأربعة-: إلى أنَّه يَعْتِقُ بمجرَّد الشراء، ويؤكِّده الحديث الآتي عن سمرة: "من ملك ذا رحم محرم، فهو حر".

5 - والجواب عن هذا الحديث ليوافق حديث: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فَهُوَ حُرٌّ»[4] كما سيأتي،

فقد قال الطِّيبِيُّ في شرح المِشْكَاة : إنَّ هذا تعليق بالمحال للمبالغة، والمعنى: لا يجزى ولد والده إلا أنْ يملكه فيعتقه، وهو محال؛ إذ المجازاة محالة، وبهذا تكون الفاء في قوله "فيعتقه"، للسببية، يعني: أنَّه عتق بسبب شرائه، لا أنَّ الفاء للتعقيب، لتفيد المعنى الَّذي ذهب إليه الظاهرية، والله أعلم." اهـ

 



[1]  وفي اللباب في تهذيب الأنساب (3/ 277) لابن الأثير :

"الْمُلَائٍيُّ (بِضَم الْمِيم وَبعد اللَّام ألف يَاء مثناة من تحتهَا)، هَذِه النِّسْبَة إِلَى الملاءة الَّتِي تستتر بهَا النِّسَاء،

قَالَ وظني أَن هَذِه النِّسْبَة إِلَى بيعهَا، واشتهر بِهَذِهِ النِّسْبَة :

* أَبُو بكر عبد السَّلَام بن حَرْب الْملَائي الْكُوفِي، يروي عَن يحيى ابْن سعيد والبصريين روى عَنهُ أَبُو غَسَّان وَأَبُو نعيم الكوفيان وَغَيرهمَا وَمَات سنة سِتّ أَو سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة،

* وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن ودكين لقب واسْمه عَمْرو بن حَمَّاد بن زُهَيْر بن دِرْهَم الْأَحول الْملَائي مولى آل___طَلْحَة بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ، كَانَ شريك عبد السَّلَام بن حَرْب الْملَائي فِي دكان، يبيعان الملاء، وَكَانَ من أَئِمَّة الْكُوفَة، يروي عَن الْأَعْمَش ومسعر وَالثَّوْري وَمَالك وَشعْبَة وَغَيرهم روى عَنهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا وَكَانَ مولده سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة وَمَات سنة ثَمَان أَبُو تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ." اهـ

[2]  سفيان هنا : إما ابن سعيد الثوري، وإما ابن عيينة الهلالي، لكن جاء في رواية ابن وهب في "الجامع"، ت. مصطفى أبو الخير (ص: 189) (رقم : 118) أنه الثوري، والله أعلم بالصواب.

[3] وفي التنوير شرح الجامع الصغير (11/ 175_175) للأمير الصنعاني : "قال الطيبي : الحديث من التعليق بالمحال للمبالغة أي لا يجزي ولد والده إلا أن يملكه فيعتقه، وهو محال،

فالمجازاة : ___محال لأنه خص قضاء حقه بهذه الصورة وهي مستحيلة إذ العتق يقارب الشراء انتهى. يريد أنها لا تتحقق لحظة يكون فيها ملكا لولده حتى يخلصه عنه: بعتقه، إلا أنه يحتمل أنه أراد بالحديث أن هذا الشراء الذي يتسبب عنه العتق يعد عتقا في أجره وثوابه ومكافأة الأب فيه " اهـ

[4] أخرجه أبو داود في سننه (4/ 26) (رقم : 3949)، والترمذي في سننه (3/ 638) (رقم : 1365)، وابن ماجه في سننه (2/ 843) (رقم : 2524)، وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (6/ 169) (رقم : 1746)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

الحديث العشرون من صحيح الترغيب بشرح الأستاذ عبد القادر البوجيسي

الوجه السادس والعشرون إلى الوجه الثامن والعشرون من كتاب مفتاح دار السعادة

الحديث الثاني والعشرون